حالمةٌ بسفرٍ..
وما كلُ الجمالِ في حلمٍ يمرّ ببيروت, يذهب إلى الشام وينبثق في اسطنبول ويزداد عشقاً في باريس ويُفضي معتماً في لندن وينعش في نيويورك ويعود ليُشعّ في سيدني.
أحلمُ بسفرٍ, سفرٍ أنطلق فيه بحريّة ,حرية روحٍ لتسلم روحي وتجعلني مبهجة أشعّ شغفاً, سفرٍ عشته قبل أن أعيشه, لما لحلمٍ يمكن أن يكون بكل هذا الشغف لعيشه إلّا إن كان يكبر معي عندما كنت في أحشاء أُمي, أدركته وأحببته , وأريد أن أعيشه و أحلم فيه كل يوم. وحلم لا يمكن له أن ينتهي لأن العالم لا نهاية لحدوده, كل يوم هناك ما يوجد لرؤيته وعيشه, أريد أن أعيش كاسطنبولية وأندلسية وباريسية وشامية ومغربية وتونسية, أحلمُ بسفرٍ يجعل حياتي جميلة, مرهفة, غير خالية من ذرة إبداع أو تفاؤل ,يجعلني خفيفة كالريشة ,أركض وأركض ولا أشعر بتعب وأستمر ولا أرغب بالتوقف للحظة يأس أو إحباط.
أحلمُ بشعورِ ركوب أول طائرة إلى بلدٍ أحبّه جداً, أتساءل! إن كنت سأشعر بخوفٍ عند إقلاع الطائرة أو عند هبوطها. هل سأشعر بدوران أو دوخة أم سينتابني النعاس وتغلق عينايَ جفنيهما , أم ستٌرْسم ابتسامة عريضة بقدر المسافة بين أذني الأولى والأخرى, أم سأفكر بقراءة كتابٍ أُحب, أم سألتقط كاميرتي بين يدايَ وأسجل لحظاتي في الطائرة. هل سأجلس بمقعدٍ على شباك الطائرة أم سأجلس بجانب امرأة كبيرة في السن تسند رأسها على كتفي بعد سقوطها في غفوةٍ, و هل سيكون هناك من يرافقني أم لا , يجعل المكان أجمل بقربه ,من ؟ أتساءل حقاً! وهل سأكتفي بمراقبة الركاب وحركة المضيفات وصوت الطيّار عند إعطاء التعليمات أم ٍسأتفرغ لمراقبة الغيوم نهاراً أو استمتع بالسكون ليلا.
ولا ينتهي الحلم هنا, أحلمُ بشعور ركوب القطار لأول مرة,رحلة في القطار عبر أرجاء الهند مثلاً , أو من اسطنبول مروراً بأكبر دول أوروبا إلى السويد شمالاً مثلاً. أحلمُ بسفرٍ يجعلني أمر بكل التجارب التي أريد أن أعيشها ,برؤية غروب الشمس كل يوم من مكان مختلف, أكل طعام مختلف , التنقل في الشوارع بالدراجة والشعور بكل حجر وطير ونسمة هواء باردة منعشة وشمس وثلج وخُضْرةِ كل مدينة أعشقها, جمع صور لأزهار فائقة الجمال وصور لأماكن مختلفة جميلة من كل مكان , أريد ذاك السفر الذي يضيف إلى حياتي طعماً وجمالاً وزيادة حباً لله, وإيجابية وأمل ومعرفة وخبرة , وقصصاً وأشخاصاً وأصدقاءً وحياة بمعنى الحياة.
أحلمُ أن أعيش حلمي في كل مدينة أوروبية وأمريكية وتركية وعربية وكوريّة وفي بلاد الشام وبلاد المغرب العربي والصين ,روسيا ,إيران ,أذربيجان ,طاجاكستان وباكستان والبابان والبلدان الاسترالية ,أحلمُ بأن أحط في كل مكان.
يا لكل هذا الجمال , إن كان الحلم جميل هكذا ,كيف سيكون عيش هذا الحلم المنتظر . ستنقطع أنفاسي من البهجة ,في تلك اللحظة أو اللحظات الغير نهائية من الأشياء الغير المنتظرة والغير مخطط لها. لا يمكن للحياة أن تكون أجمل من كل هذا ,والأجمل أن يكون هناك من يشاركك بها , شخص تحب ولا تخجل من إظهار سعادتك وحماستك كطفل صغير ,يرى كل شيء جديد ويجرب شيء لم يركبه من قبل ويلهو لأول مرة بلعبة انتظرها بشوق أو كحماس أول رحلة يخرجها بالمدرسة وكل ما يعيشه لأول مرة.
أنتظر لعيشك حلُمُي , فالحلم فقط من يجعل للحياة بريقٍ, ويجعل للانتظار بهاءً ,عندما يحين الوقت لتعيشه وتشعر به وتراه, وتزهر روحك فيه , وتصير وحلمك في مكانٍ أحببْته دوماً.